ادعمناعلي الفيس بوك Close

mercredi 3 février 2016

حسناء الجبل: حكاية طفلة تونسية قضت سنتين في معسكرات الإرهاب في الشعانبي

Do you like this post?


مدونة "الثورة نيوز - عاجل": شعر اسود طويل، بشرة بيضاء رقيقة ونظرات لا تشي الا ببساطة احلام طفلة بدأت تخطو خطواتها الأولى نحو المراهقة. “ام ساجدة” او “ام البتار” أو بكل بساطة “حسناء الجبل ذات الجمال الأخّاذ والقوام الممشوق، وجدت نفسها في غفلة من عائلتها مرتمية في أحضان خلية ارهابية تتحصّن بالجبال ليفتر بريق براءة الطفل في عينيها ويحلّ محلّه حقد تنوء الجبال بحمله. “حسناء الجبل” فتحت لصحيفة "آخر خبر" التونسية قلبها وقصت تفاصيل رحلتها في عالم الارهاب والجبال.

انطلقت رحلة “حسناء الجبل” سنة 2011 حيث لم تتجاوز انذاك 13 سنة من عمرها. بدأت القصة بتقليد الطفلة لبنات جيلها اللاتي اخترن صورة الارهابي اسامة بن لادن كصورة جدار على صفحاتهن بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”.
ومن “فايس بوك” الى “الحمام” اين توجهت المتحدثة للاستحمام ولكنها لم تخلْ انّ لقائها بإحدى الفتيات (صابرة) هناك سيجرها الى رحلة جبلية طويلة.
“صابرة” أظهرت نوعا من الاستلطاف والبشاشة نحو الطفلة ثم سرعان ما ربطت بها الصلة وتبادلت معها جميع بياناتها الشخصية (رقم هاتفها وعنوان سكنها وحسابها على “الفايس بوك”).
لم يطل غياب “صابرة” –التي كانت مجرد فتاة عادية محجبة- على “حسناء الجبل” كثيرا فبعد أسبوع فقط من اللقاء الاول تكرر اللقاء ثانية حسب موعد ومكان حددتهما الصديقة الجديدة للطفلة وكان ذلك اللقاء الذي دار خلف ملعب رياضي لقاء فاصلا حيث فوجئت “حسناء الجبل” بأنّ صديقتها لم تكن بمفردها وكان برفقتها شاب يدعى احمد.
لقاء تعارف تلته لقاءات أخرى نجح خلالها أصدقاء “حسناء الجبل” الجدد في اقناعها بـ”اتباع شرع الله” واتباع برامجهم التي كانوا مصرين على تطبيقها مستغلين في ذلك الانفلات الأمني الذي كانت عليه البلاد (سنة 2011) وصغر سنها.
اللقاء المنعرج
ثلاثة اشهر فقط كانت كافية لجعل “صابرة” منقبة واحمد من الملتحين الشبيهين بـ”الافغان”. هذه التغيرات لم تطرأ على أصدقاء “حسناء الجبل” على مستوى المظهر فقط بل طالت سلوكهم وتصرفاتهم وأصبحت مهامهم واضحة الملامح من خلال إقناع أول فريسة لهم بضرورة ارتداء النقاب و”اتباع شرع الله وطاعته”.
مهمة صابرة واحمد الأولى كللت بالنجاح اذ قررت “حسناء الجبل” ارتداء الحجاب الشرعي والعباءة وانتقلت الى مقاطعة كل “ما حرّم” حسب “اخوانها” من تلفاز وموسيقى وحتى والدتها التي كفرتها.
فتاة 13 سنة اصبح لها صديقات جدد ولكن وفق شروط “الجماعة” فكلهن منقبات و يحملن الفكر المتشدد. هذه الصداقات جعلت من “حسناء الجبل” محل اهتمام وحدات الامن بجهتها الذين تنقلوا في أكثر من مناسبة لمقر سكناها لتنبيه والدتها من تغير مظهر ابنتها وسلوكها.
تحذيرات متتالية لم تثن “ام ساجدة” (التسمية الأخرى لحسناء الجبل) عن تكرار لقاءاتها مع مستقطبيها الذين اصطحباها في “نزهة” او ربما “زيارة جبلية” اولى الى جبل بوهرطمة اين التقت عديد العناصر الارهابية المتحصنة هناك.
ولم تقف العلاقة بين “ام ساجدة” واحمد على الصداقة بل تطورت لترتقي الى علاقة غرامية توجت بزواج خارج الاطار القانوني . زواج لم يطل أمده بعد ان قرر احد القيادات هناك (عاطف الحناشي) وضع حد له.
عاطف الحناشي الذي فتن بجمال “حسناء الجبل” قرر تطليقها من احمد واعلان زواجه بها في نفس اللحظة دون انتظار ايام العدة.
رحلة الجبل
زواج “ام ساجدة” من عاطف الحناشي -الذي يعتبر من القيادات البارزة بالجبل- جعلها كثيرة التردد على جبل بوهرطمة اين التقت ما لا يقل عن 45 عنصرا من الجنسين من بينهم “ام مريم” و “ام الافغاني” و “ام القيرواني” و “كالوتشا” و “راغب الحناشي” (شقيق عاطف الذي قُتل في كمين أمني) و علاء المكنى بـ” تويتة” و صلاح القاسمي وغيرهم. وكان هؤلاء موزعين على مخيمات اقاموها بالجبل خصص بعضها للنساء.
تدريبات وجودة الحياة!
“ام ساجدة” التي تلقت تدريبات على حمل السلاح والرمي بالرصاص وفنون القتال (الدفاع والهجوم…) على غرار بقية العناصر المرابطة هناك اكدت ان حصص التدريب كانت مختلطة و باشراف تونسي يدعى وجيه وآخر جزائري (لم تتذكر كنيته).
وذكرت ان العيش بالجبل في تلك الفترة لم يكن قاسيا كما يروج له فالمرابطون هناك يستعينون بعناصر توفر لهم الدعم وكل ما لذ وطاب بما في ذلك “البيتزا” و”الشاورما” وغيرها من الاكلات.
كما انهم يتنقلون بحرية اذ يمكنهم النزول والصعود الى الجبل حسب رغبتهم وعبر مسالك اعتادوا اتخاذها على غرار المسلك الذي كان يتخذه راغب الحناشي (قبل مقتله) عبر اسفل الجسر (القنطرة) الموجود هناك بهدف زيارة منزل والديه.
بل ان بعضهم كان يقضي لياليه في اماكن معروفة على غرار “كالوتشا” (تمت تصفيته من قبل الأمن) الذي كان شبه مقيم بمكان متواجد خلف المقبرة.
جودة الحياة بجبل بوهرطمة تجاوزت المأكل والمشرب وحرية التنقل لتصل الى استخدام الهواتف النقالة والانترنيت للتواصل بالاضافة الى العلاج في حال احتاجوا الى ذلك على غرار “كالوتشا” الذي تلقى إسعافات طبية بالجبل على يد ممرضين اثنين (تم ايقافهما) بعد اصابته على يد الوحدات الامنية، فضلا عن امكانية اجراء عمليات جراحية في الجبل بحضور أطباء اختصاص مجهولي الهوية وفق ما عاينته “أم ساجدة” شخصيا.
“فسحة المرح” التي كان عليها المرابطون بجبل بوهرطمة انذاك كانت بسبب تواطؤ بعض الامنيين –هذا ما اكدته “ام ساجدة”- الا ان تلك الفسحة لم تطل كثيرا اذ تم القبض على عدد منهم وتصفية البعض الاخر ما استوجب تغيير الهيكلية التي جعلت من عاطف الحناشي راس القيادة بعد ان كانت للجزائري “كمال”.
شروط ومخططات
وبخصوص التخطيط وتنفيذ العمليات الارهابية فان المتحدثة (تصرّ على رفض القتل واراقة الدماء) شددت على ان جميع العناصر المرابطة بجبل بوهرطمة والمبايعين لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في ذلك الوقت كانوا يتلقون التعليمات من قيادات كبرى تابعة للتنظيم.
و كانوا يتواصلون عبر الانترنيت باستخدام “الانستغرام” و “تويتر” و “الايمو” كما يعتمدون اللقاءات المباشرة ببعض العناصر في العمليات الكبرى.
اما بالنسبة للـ “الذئاب المنفردة” او المبادرين بتنفيذ العمليات فيمكنهم ذلك شرط التقيد بعديد التوصيات والقواعد واهمها(وفق المتحدثة):
– عدم التردد على الجبل.
– عدم الاعلام او الحديث عن العملية ونوعها وتوقيتها ومكانها لاي شخص مهما كانت صلة القرابة به سواء كان ذلك بصفة مباشرة او غير مباشرة.
– التخفي لمدة لا تقل عن اسبوع.
– حلق اللحية.
المتحدثة اكدت ان القيادات بالجبل كانوا شديدي الحذر بخصوص مخططاتهم اذ لا يتم اعلام اي عنصر من العناصر بمواعيد العمليات ونوعيتها الا بعد التنفيذ ويقتصر الاعلام على بعض القيادات والمنفذين قبل وقت قصير من الساعة صفر.
من الجبل الى الامن
15 مارس 2013 كان تاريخ الحسم والقطع مع الجبل واسراره اذ قررت “ام ساجدة” تسليم نفسها لوحدات الامن بسليانة حيث اعلمتهم بنية الجماعات الارهابية بعث كتيبة جديدة تحت اسم “كتيبة البتار” الا انها فوجئت باتهامها من قبل احد الاعوان بخيالها الواسع.
كما طلبت منهم مرافقتها الى احد المنازل المتواجدة هناك والذي كان يحتوي على أسلحة الا انهم رفضوا ذلك واعلموها بعدم توفر التجهيزات اللازمة وفق قولها.
“ام ساجدة” التي سلمت نفسها لوحدات الامن تم ايقافها بعد اصرار احدى الموقوفات (منقبة) – اثناء استنطاقها- تورط منقبة مكناة بـ”ام ساجدة” في محاولة استقطابها وبالرغم من تأكيدها على عدم معرفتها بها الا ان اعوان الامن اصروا على تكذيبها وقاموا بضربها بواسطة “الماتراك” امام والدتها التي ترجتهم اكثر من مرة و قبلت ايديهم للكف عن ضرب ابنتها.
الاعتداء على “حسناء الجبل” استمر طيلة فترة ايقافها (7 ايام) رغم صغر سنها وتجاوز ذلك ليصل الى حد الجر من الشعر والشتم الذي خلف اثار زُرقة بجسدها الصغير.
“سلعة سوريا”
“سلعة سوريا تهبل هيا نجربوا” وغيرها من انواع التحرش المعنوي والمادي تعرضت له المتحدثة – التي بدت شديدة التأثر- من قبل أعوان الأمن الذين باشروا عملية استنطاقها. وشددت على ان تعذيبها كان ممنهجا اذ تم وضعها بغرفة تحت الأرض بمفردها في الظلام دون ان يقدموا لها الطعام الذي كان يجلبه لها افراد عائلتها كما ذكرت انهم منعوا والدتها من مرافقتها اثناء الاستنطاق – رغم انها قاصر- واجبروها على إمضاء محاضر الاستنطاق دون السماح لها بقراءتها.
ما قدمته “ام ساجدة ” من معطيات لأعوان الأمن جوبه بموجة تكذيب في البداية الا ان تقديمها لمعطيات دقيقة ووقائع مفصلة قلب المعادلة.
موجة التكذيب دفعت اعوان الامن بالاستهتار ببعض المعطيات المقدمة على غرار المعلومات المتعلقة باحدى العناصر الذي كانت ستلتقيه بولاية الكاف بهدف التنسيق بينها وبين عون امن كان سيقدم لها جوازات سفر حيث مدتهم برقم هاتف العنصر المنسق الا إنهم لم يتخذوا اي اجراء في شانه ومزقوا الورقة التي كتب عليها الرقم.
نحو العاصمة
وبعد مرور 7 ايام من الايقاف بسليانة تم ارسال “ام ساجدة” الى العاصمة اين تم ايقافها ببوشوشة.
الاستقبال ببوشوشة كان حارا اذ نعتت المتحدثة من قبل احدى العونات بـ”الحيوانات” فيما امرتها عون امن اخرى بخلع جميع ملابسها (حتى الملابس الداخلية) للقيام باجراءات الاستقبال .
وبمجرد انهاء الاجراءات مرت “ام ساجدة” لقضاء ليلتها الاولى بما يعرف بـ”بيت الدجاج” وهي غرفة تحتوي على قضبان حديدية تطل على حديقة.
الاقامة ببوشوشة التي استمرت لمدة 7 ايام اخرى صاحبها رحلات يومية نحو وحدة مكافحة الارهاب بالقرجاني بعد احالتها على حاكم التحقيق التي اكدت له علمها بامكانية تخطيط عناصر ارهابية للقيام بعمليات بسوسة وباردو قبل تنفيذهما.
رحلة الاستنطاقات والاعترافات والمعطيات تواصلت نحو وحدة مكافحة الارهاب بالعوينة كذلك لتتم احالتها بعد ذلك نحو مركز الاصلاحية بالمغيرة اين قضت 4 اشهر و3 ايام بتهم عديدة من بينها الانضمام الى تنظيم ارهابي واثارة البلبلة ودمغجة التلاميذ…
عذاب وعنف
منذ دخول “ام ساجدة” مقر الاصلاحية وجدت نفسها داخل ساحة كبيرة توسطها علم تونس وكانت عديد الغرف تحيط بالساحة من بينها مكتب الاستقبال اين قدمت جميع اغراضها والتقت احدى العونات التي قامت بمعاينتها للتحقق من وجود اثار عنف ثم وجهت لها عديد الاسئلة حول وضعها العائلي.
“ام ساجدة” التي تسلمت اللباس المخصص للسجينات القاصرات توجهت الى قاعة كبيرة
بعد تحذيرها بعدم اعلام بقية السجينات بنوع القضية التي سجنت على خلفيتها.
و فور دخولها القاعة فوجئت ببعض الفتيات اللاتي كن ينشطن ضمن الجناح الإعلامي لكتيبة عقبة ابن نافع وكان من بينهن من بايعن التنظيم على عكس المتحدثة التي رفضت ذلك.
“تعرضت لشتى أنواع العنف والتعذيب النفسي ولفقت لي التهم وعوقبت بالمكوث خارج الغرفة في البرد أكثر من مرة زورا وبهتانا” هذا ما أكدته “حسناء الجبل” التي واصلت قائلة (وكانت متأثرة) “نعم أخطأت لكني كنت قاصرا …انا ضحية فكر”.
العنف والتعذيب داخل مركز الإصلاحية طال كذلك بعض السجينات الأخريات حتى ان أحداهن تعرضت لضرب مبرح بمعية بعض النساء العاملات هناك (اعوان الامن) اللاتي حرضن سجينات قاصرات بتهم حق عام للاعتداء عليها بالعنف.
العنف الذي تعرضت اليه السجينة “غ.خ” دفع احدى العونات للتدخل اذ بدت شديدة التاثر حد البكاء وقامت بتصوير اثار العنف ووعدت بالتدخل لوقف نزيف العنف.
“حسناء الجبل” او “ام ساجدة” اكدت ان اكثر من 200 فتاة كانوا يستخدمون نفس الكنية وينشطن ضمن الجناح الإعلامي وأشارت الى انهم قاموا بإرسال مقطع فيديو اكدوا خلاله تغيير كنيتها بـ”ام البتار”.
المتحدثة أكدت ندمها على هذه الرحلة وعبت على رغبتها في مواصلة حياتها كبقية البنات الحالمات بمستقبل أفضل.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

 
Design by Free Wordpress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة